محمد أحمد الزاملي
وربى يا حر أنى لأرى في خصال أنوار الشمس ألآم تقشعر لها الأبدان ، يكاد الفكر أن يفر من هول المصاب ، ولا حراك للأصحاب الذين يناظرون أصحاب الجراح والدموع الحائرة
وربى إنها صرخات تؤلم ، ودموع تحزن ،وآهات تتعب من بيت المقدس
هل من مغيث يرحم يزيل ويلات أبناء فلسطين ، القلم يبكى ، والورق لايحتمل ، والحبر ينساب يشاطر الدماء الزكية التي تنساب وتروى الأرض الحزينة المتألمة من جرح الجارحين ، من ألم المؤلمين ، من غصب الغاصبين ،
من ظلم الظالمين ، من غدر الغادرين ، من اعتداء المعتدين .
وربى يا حر إن قاموس الأفكار في حيرة من الوصف ، وعجز عن التعبير لما جرى ، ومما يحاك لأهل الرباط .
وما إن خيمت بدايات الغروب ، والطير عائد يصرخ بحزن ، مواساة لأصحاب الآلام ، وتحت جناحيه حزن لايطاق ، والزهور أضمرت وانحنت ، وفى قلبها الشجون ، والغدير يسير ببطء كأن مياهه دموع يمنحها لأصحاب الجراح ، وكأن الكون كله يريد أن يعلن الأحزان مع أصوات الرياح المخيفة ، من بين الجبال الحزينة ، ليغيب جمال الطبيعة .
وها هي الدموع تنساب من قلب السماء الحمراء ، بمحاذاة الجبال التي تكاد أن تتشقق من اعتداءات بني صهيون على براءة أطفال رضع ، بل قتل ابتسامة زهرات فلسطين ، بقتل خيرة شباب فلسطين .
يا حر إن لنا في غسق الليل وطياته أسرارٌ لايعلمها إلا الله ، وكلمات لا يسمعها إلا الواحد القهار ، ودموع لايعرف قدرها وحقها إلا الكريم المنان .
أعلم يا حر إن خيوط الفجر لامحال ستطل ، وإنها تثلج صدورنا لأن النصر معها من عند ربى وربك ورب الكون وما فيه ، وإن شئت أقرأ قوله تعالى :
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا